حسب تقرير جديد أصدرته صحيفة “الغارديان” البريطانيّة منذ أيّام قليلة, من المنتظر أن يتمّ قريبا تفعيل المحطّة الشّمسيّة العملاقة في الصّحراء التّونسيّة, و الّتي ستضمن نقل الطّاقة الكهربائيّة إلى القارّة الأوروبيّة. و حسب ما ذكرته “الغارديان”, فإنّ البريطانييّن ينتظرون موافقة الحكومة التّونسيّة على طلب شركة TuNur الطّاقيّة, للبدء فعليّا في بناء المحطّة .
هذا المشروع الرّائد الّذي خطّطت له شركة TuNur و الّذي يستوعب جهدا طاقيّا يبلغ 4.5 جيقا-واط, سيضخّ الطّاقة الكهربائيّة إلى كلّ من دول مالطا و إيطاليا و فرنسا, عبر إستعمال “كابلات” تحت الماء (submarine cable) . و هو مشروع إعتبرته صحيفة “الغارديان” أضخم مشروع لإستيراد الطّاقة !
إنطلاق أشغال مدّ كابل بحريّ جديد بين تونس و إيطاليا لنقل الطّاقة الشّمسيّة سنة 2019 ؟
و في هذا الإطار, أدلى السّيد كيفن سارا , المدير التّنفيذيّ لشركة TuNur بتصريح جديد للصّحيفة البريطانيّة, قال فيه :
” إذا أخذت الحكومات الأوروبيّة “إتّفاق المناخ” الأخير في باريس على محمل الجدّ, و إذا كانت تريد أن تخفّض مستوى الإنحباس الحراريّ, فهي بحاجة الآن إلى البدأ في إستيراد الطّاقات البديلة ! “
هذا و أضاف كيفن سارا , قائلا :
” 60 % من الطّاقة الحاليّة في أوروبا يتمّ إستيرادها من روسيا أو من منطقة الشّرق الأوسط. و السّؤال هو , هل أنّ الإتّحاد الأوروبيّ يرغب بالفعل في الإستثمار في البنية التّحتيّة الّتي ستدوم لمدّة 50 سنة, و الّتي ستتيح إستخداما أكبر للوقود الأحفوري (fossil fuel) ؟ “
في الواقع, الإتّحاد الأوروبي يولي بالفعل الآن أهمّية قصوى لمشروع جديد يعتبره أولويّة كبيرة, و يتمثّل في مدّ “كابل” بحريّ يمتدّ في مياه البحر الأبيض المتوسّط, و يربط بين تونس و إيطاليا . و حسب ما أوردته “الغارديان” في هذا الصّدد, فإنّ شركة TuNur تتوقّع أن تبدأ أشغال مدّ هذا “الكابل” الجديد إنطلاقا من سنة 2019 في منطقة الجنوب الغربيّ التّونسي, و ذلك بكلفة تمّ تقديرها ب5 مليار أورو !
و عند هذه النّقطة, علّق السّيد كيفن سارا, قائلا :
نحن أمام هدف يتمثّل في توفير الطّاقة الكهربائيّة لفائدة شبكات التّوزيع الأوروبيّة, عبر دولة مالطا, إنطلاقا من أجل محدّد بسنة 2021 . على أن يتمّ مدّ إثنين من “الكوابل” البحريّة العملاقة نحو إيطاليا خلال سنتي 2022 و 2023 . ثمّ سيتمّ ربط هذه الشّبكة بالدّولة الفرنسيّة إبتداءا من عام 2024. “
التّفاصيل التّقنيّة لمحطّة TuNur القادمة في الجنوب التّونسي :
نعود إلى التّفاصيل التّقنيّة الخاصّة بالمحطّة الشّمسيّة العملاقة المرتقبة في بلادنا, و الّتي ذكرت الصّحيفة البريطانيّة, في ذات التّقرير, بأنّها ستمتدّ على رقعة أرض صحراويّة تعادل مساحتها 3 أضعاف مساحة محطّة “مانهاتن” الأمريكيّة, و ستمتصّ طاقة الشّمس في الجنوب التّونسي بإستخدام مجموعة من الأبراج الّتي سيبلغ إرتفاعها 200 متر عن سطح الأرض. كذلك, سيتمّ تركيز مئات الآلاف من المرايا العاكسة الّتي ستعكس ضوء الشّمس نحو هاته الأبراج, مع القيام بعمليّة تسخين “الأملاح الذّائبة” (molter salts) , و الّتي ستفرز ” ماء حامي” (broil water) . هذا الماء سيتمّ من خلاله نشر كميّة “البخار” الضّروريّة و الكافية لتشغيل “التّوربينات” الّتي ستكون قادرة على توفير الكهرباء لأكثر من مليوني منزل في أوروبا .
توفير ما يقارب 20 ألف موطن شغل !
من جهة أخرى أكّصحيفة “الغارديان” أنّ هذا المشروع الجديد سيوفّر نحو 20 ألف موطن شغل عبر مبادرة من شركات القطاع الخاصّ, و هذه الوظائف الجديدة ستكون موزّعة على مطوّري الطّاقة الشّمسيّة التّابعين لشركة TuNur البريطانيّة, و المهندسين التّونسييّن و كذلك مجموعة من الخبراء من مالطا.
إحتراز من الجانب التّونسي !
صحيفة “الغارديان” أثارت مسألة تتعلّق بإحترازات بسيطة من الجانب التّونسي, حيث قالت بأنّ السّيد شفيق بن روين, المتحدّث بإسم “المرصد الإقتصادي التّونسي”, كان قد طرح تساؤلات تتعلّق بأيّ مدى يمكن لمشروع TuNur العملاق أن يتألّق و يشعّ على الصّعيد المحلّي و الدّولي. حيث قال :
” إهتمامنا الأكبر هو بمدى مصداقيّة و موثوقيّة شركة TuNur , لأنّ موقعها الإلكترونيّ ذكر بأنّها تملك خبرة سابقة ليست بالكبيرة, و تتعلّق بإثنين فقط من مشاريع الطّاقة الشّمسيّة الصّغيرة.” مضيفا, ” و نحن لدينا إهتمام كبير بمعرفة مدى قدرتها على تحقيق هذا المشروع و كذلك إمكانيّاتها الماليّة الّتي قد تسمح لها بتفعيل أهدافه”
إعتراض و إنتقاد من المنظّمات الدّولية !
على مستوى آخر , أبدت منظّمة “War on Want” الدّوليّة الخيريّة, على لسان مدير فرعها في منطقة شمال إفريقيا و جنوب آسيا, السّيد حمزة حمّوشان, إعتراضها و إنتقادها لهذا المشروع. حيث قال حمّوشان :
” يبدو أنّنا إزاء مخطّط إستعماريّ “مألوف”, تتمّ حياكة خيوطه أمام أعيننا ! “
مضيفا, : ” مشاريع مثل TuNur تنكر و تقصي السّيادة الوطنيّة و المحلّية للأشخاص و تنفذ مباشرة و بشكل فجّ إلى أراضيهم الخاصّة, و تسرق مواردهم الطّبيعيّة, و من ثمّ تستغلّ ثمار العمل الّذي تحقّقه أيادي الخبراء المحلّيين و الأجانب و الشّركات الخاصّة.”
تطمينات و إيضاحات من شركة TuNur
من جهة أخرى, و ربّما كردّ مقتضب عن هذه المواقف, أعلنت شركة TuNur بشكل رسميّ, بأنّها كانت قد إقتنت حقوق إستغلال الأرض الّتي سيقام عليها المشروع في الجنوب التّونسي, بعد أن توصّلت إلى إتّفاق مع “القبيلة” التّونسيّة المحليّة هناك , و الّتي تمتلك الأرض, و ذلك عبر قنوت إتّصال رسميّة و واضحة”.
بالنّسبة لإستعمال المياه, فهو سيكون مقتصرا على “مياه الفضلات” أو “المياه الملوّثة” الّتي ستنبثق من زراعة النّخيل في الجنوب ّو بالتّالي لن تّقع عمليّة رسكلة, و ذلك دائما حسب تصريحات كيفن سارا .
هذا الأخير, أكّد ,في الختام, بأنّ شركة TuNur ستبقى على إستعداد و إلتزام بتوفير الطّاقة الكهربائيّة داخل تراب الجمهوريّة التّونسيّة, الّتي تعاني هي نفسها, حسب قوله, مشاكل كبيرة على مستوى الطّاقة.