التّطوّر التّكنولوجي و النّموّ الإقتصادي للمجتمع التّونسي , ولّد نماذج جديدة من الإستهلاك , بما في ذلك الإستعمال المتنامي و المتزايد أكثر فأكثر للتّجهيزات الكهربائيّة و الإلكترونيّة , و هو ما أدّى إلى بروز ظاهرة مازالت مجهولة في تونس تقريبا , و هي ضرورة التّصرّف في النّفايات الإلكترونيّة و الكهربائيّة . و بالنّظر إلى الأهمّية و الحاجة الملحّة للتّصرّف في هذه الأصناف من النّفايات , أطلقت الوكالة الوطنيّة للتّصرّف في النّفايات دراسة حول وضع أسس مشروع خاصّ بهذا المجال , و قامت بوضع مخطّط لبناء و تركيب أنظمة لمعالجة هذه النّفايات . و لتلبية هذه الحاجة الملحّة , قامت وكالة التّعاون الكوريّ-التّونسي ( KOICA ) بمنح تونس هبة بقيمة 3.8 مليون دولار في هذا الغرض . هذا المشروع هو تحت مسمّى “المشروع الرّائد لجمع و رسكلة و تثمين النّفايات و المخلّفات الإلكترونيّة و الكهربائيّة” . و سيكون موقع المشروع في منطقة “برج شاكير” بتونس .
هذا و قد رافق السّيد كيم في حوارنا معه , كلّ من السّيد “كانغ-جيو “, كاتب الدّولة الثّاني المكلّف بمنطقة الشّرق الأوسط في وزارة الشّؤون الخارجيّة الكوريّة , و السّيدة “أوو جو-هيون” , رئيسة الوحدة المكلّفة بالتّغيّر المناخيّ في وكالة التّعاون الكوريّ ( KOICA ) .
و قد تطرّقنا في حوارنا مع السّيد كيم يونغ-موك إلى مختلف الجوانب المتعلّقة بمشروع التّعاون الكوريّ التّونسي الجديد في مجال الطّاقات البديلة :
- 1 ) مرحبا بكم سيّد يونغ في تونس و شكرا جزيلا على إستقبال فريق الموقع التّكنولوجي المختصّ تويتاك للحديث حول أبرز ملامح المشروع التّونسي الكوريّ الجنوبي الجديد .
مرحبا بكم و أنا أشكر تونس على إستضافتها للوفد الكوريّ , و أتمنّى لكم عملا موفّقا و متميّزا على الدّوام . تونس في الواقع تحتوي على طاقات و إمكانات شابّة مميّزة للغاية , و مستقبل بلادكم يعد بالكثير
- 2) سيّد يونغ , أنتم تعلمون أنّ العالم الآن يعوّل كثيرا و بشكل متصاعد على الطّاقات المتجدّدة أو الطّاقات البديلة , مثل طاقة الرّياح و الطّاقة الشّمسيّة . إذا ما هي أهدافكم و برامجكم فيما يخصّ هذا المجال في تونس ؟
في الواقع , كوريا قد شرعت في تركيز برنامج مرافقة و دعم منذ سنوات قليلة . و في الواقع , طرحت علينا الحكومة التّونسيّة و كذلك وزارة الشّؤون المحلّية و البيئة , إمكانيّة البدأ في سلسلة بحوث علميّة و مباشرة في هذا المجال. الحكومة التّونسيّة أعلمتنا أنّها تنوي البدأ في إرساء محطّة محوّلات كهربائيّة فرعيّة . و من ثمّ ناقشنا معها إمكانيّة توسيع هذه الإمكانيّات إلى حدود 300 ميقا-وات , و هو مقدار ستتوفّر عليه محطّة المحوّلات الكهربائيّة الفرعيّة .
وكالة التّعاون الكوريّ-التّونسي إتّخذت خطوات و دراسات فعليّة و عمليّة بهذا الشّأن , و أظنّ أنّ الأمر سيستغرق حوالي 12 شهرا , و هي مدّة ستسبقها فترة زمنيّة لا تتعدّى بضعة أشهر , ستقوم الحكومة التّونسيّة و وزارة الشّؤون المحلّية و البيئة خلالها بتدريب فريق من الخبراء و التّقنييّن في هذا المجال .
و سنحرص على تظافر الجهود بيننا و بين الحكومة التّونسيّة من خلال مخطّط مشترك لتفعيل هذا الأمر في أقرب الآجال . في الوقت الحاضر , المخطّط الخاصّ بحكومتكم يتمثّل في جلب الدّعم الخارجي لتمويل هذا المشروع , لكن أعتقد أنّه على إمتداد مراحل إرساء هذا المشروع , كوريا ستتولّى الدّفع بهذا المشروع إلى الأمام لكي يتحقّق على أرض الواقع.
و بالرّغم من أنّ تونس تمثّل وجهة جديدة لنا إلّا أنّنا سنعمل على تعميق شراكتنا و تكوين و تدريب الخبرات التّونسيّة في هذا المجال الّذي لم يحظى بالأهمّية اللّازمة في تونس .
- 3 ) -منتدى “تونس 2020” الّذي دارت فعاليّاته أيّام 29 و 30 نوفمبر الماضي , كان فرصة عظيمة لتونس لتركيز مشاريع جديدة و لبلوغ آفاق أرحب على المستوى الإقتصادي . في هذا المجال , ركّزت وزارة تكنولوجيّات الإتّصال و الإقتصاد الرّقمي على أهمّية مجال الطّاقات المتجدّدة أو الطّاقات البديلة من خلال مشروعها الجديد المسمّى “Smart Grid” أو “الشّبكات الذّكيّة” . إذن ما هي مساهمتكم المستقبليّة في هذا المشروع الهامّ , و الدّعم الّذي قد تقدّمه كوريا لبلدنا في هذا المستوى :
أعتقد أنّ الفكرة الرّئيسيّة ستكون برمجة لقاءات و جلسات تعاون بين الشّركات الكوريّة المختصّة و الحكومة التّونسيّة. دولة كوريا الجنوبيّة بدأت مؤخّرا في تقديم “نظام ذكيّ” لإدارة الطّاقة الكهربائيّة .
إنتاج و توليد الطّاقة الكهربائيّة مهمّ , لكن إدارة أو التّصرّف الرّشيد في هذه الطّاقة مهمّ كذلك . نحن بدأنا منذ فترة في هذا التّمشّي . و كما قلتم , كوريا هي بلد متقدّم على مستوى “الشّبكات الذّكيّة” أو ما يعرف ب”Smart Grid” , من خلال إستعمال العديد من وسائل التّكنولوجيّات الحديثة المرتبطة بهذا المجال . و في هذا المستوى , أنا أظنّ أنّه من الممكن أن نعرض على الطّرف التّونسي خدمات و خبرات مجموعة من أفضل الشّركات الكوريّة , لكي تساعد حكومتكم على الوصول إلى أفضل و أنجع الحلول في هذا المجال .
تباحثنا مع وزارة الشّؤون المحلّية و البيئة حول تطوير و توسيع شراكتنا في مجال الرّسكلة و إعادة تصنيع النّفايات الصّناعيّة و بالأخصّ النّفايات الإلكترونيّة و الكهربائيّة و الكهرومنزليّة.
كوريا متقدّمة بأشواط كبيرة في مجال رسكلة هذه الأصناف من النّفايات , بإعتبارها مصنّعا كبيرا للأجهزة الإلكترونيّة و الكهربائيّة و الكهرومنزليّة. و بالتّالي , نحن متقدّمون أشواطا كبيرة في هذا القطاع . و بالتّالي أظنّ أنّه من الممكن أن نوسّع من نطاق شراكتنا مع تونس على هذا المستوى . كذلك تريد وزارة الشّؤون المحلّية و البيئة التّونسيّة أن تدرس إمكانيّة إستغلال قطاعات أخرى لتنظيف المحيط مثل إستغلال التّكنولوجيّات الحديثة لتحويل النّفايات إلى طاقة . كذلك تباحثنا حول إمكانيّة إرساء مخطّطات لرسكلة النّفايات و تحويلها إلى طاقة, و سيتمّ تفعيل هذه المخطّطات صلب البلديّات التّونسيّة.
كذلك من المحتمل جدّا أن يساهم البنك الكوريّ في تمويل قسم هامّ من مراحل إنجاز مشروع “Smart Grid” في بلدكم .
مجال آخر إلتزمنا به و هو مساعدة حكومتكم على رقمنة المعاملات الإداريّة. و أحد المشاريع الرّائدة الّتي حقّقناها بالفعل في تونس , كان سنة 2015 من خلال رقمنة الوثائق , و هذا المشروع إسمه “E-Document” . و نحن نعمل على مزيد توسعة التّعاون مع الحكومة التّونسيّة في هذا المجال.
مشروع آخر تمّ إنجازه , كان تلقّي و حلّ طلبات و إعتراضات النّاس الّتي تتلقّاها الحكومة من مواقع الواب التّونسيّة .
ربّما في المستقبل , أعتقد أنّنا سنلتزم أكثر ببناء “مدن ذكيّة” , و هو مشروع مبرمج لسنة 2020. و من هنا إلى ذلك الوقت سنعمل كما قلت على حثّ الشّركات الكوريّة على الإستثمار في هذا المجال في تونس.
في الميدان الفلاحيّ , قمنا كذلك بإرساء مخطّط لمشروع خاصّ في منطقة عين دراهم بجندوبة , خاصّ بتنظيف الغابات و تهيئتها و إثرائها بغراسات جديدة. و هذا المشروع يهدف إلى مساعدة الفلّاحين على جني موارد إضافيّة لهم . و هذا سيكون نموذجا جيّدا لتحقيق التّنمية المستدامة في تونس. و نحن نأمل أن تتواصل و تتعمّق شراكتنا مع الحكومة التّونسيّة في هذا المستوى الّذي نراه مهمّا جدّا من حيث الحفاظ على البيئة.
كما تباحثنا مع وزارة الفلاحة حول إمكانيّة إفادتها بالخبرات الكوريّة في مجال التّخزين و تعصير طرق الإنتاج الفلاحيّ و غيرها.
- 4 ) -أغلب الطّاقات المتجدّدة تنبعث بشكل مباشر أو غير مباشر من الشّمس . أشعّة الشّمس أو الطّاقة الشّمسيّة يمكن أن تستعمل للتّسخين أو إضاءة المنازل أو بناءات أخرى لتوليد الكهرباء أو التّبريد و غيرها من الأنشطة و الإستخدامات في الأغراض التّجاريّة و الصّناعيّة . إذن نودّ أن نتعرّف على أنماط التّكنولوجيّات الحديثة الّتي من الممكن أن تقدّمها كوريا لتونس الّتي تعتبر من أبرز البلدان الغنيّة بالطّاقة الشّمسيّة في منطقة الشّرق الأوسط و شمال إفريقيا .
كما تعلمون , أنا لست مهندسا مختصّا أو خبيرا علميّا , لكن في المقابل , أظنّ أنّ كوريا , و مثل أيّ بلد , تعمل على تطوير التّكنولوجيّات الحديثة في مجال الطّاقة . و أعتقد أنّ هذا الأمر متقدّم للغاية في كوريا , إضافة إلى بلدان أخرى مثل الولايات المتّحدة و اليابان و ألمانيا . ثانيا : مجال بطّاريات السّيّارات الكهربائيّة متطوّر للغاية في كوريا . العديد من السّيّارات في العالم تستعمل البطّاريات المصنّعة في كوريا. إذن أعتقد شخصيّا أنّ بإمكاننا إرساء تعاون تقنيّ خاصّ مع تونس في مجال البطّاريات الذّكيّة .
- 5 )- هل هناك مخطّط واضح بهذا الشّأن في تونس في المستقبل القريب ؟
نعم , الحكومة الكوريّة و الشّركات التّكنولوجيّة الكوريّة المختصّة بدأت في فهم أنّ تونس أصبحت بمثابة مشروع كبير و خصب و بلادكم مستعدّة الآن أكثر من أيّ وقت مضى لإستيعاب و تطوير أساليب النّهوض بهذا القطاع في تونس . و أعتقد أنّ دوري القادم سيكون في جعل الحكومة الكوريّة و الشّركات الكوريّة تقتنع بأنّ تونس تملك قابليّة هائلة لتستقطب إستثمارا كوريّا قويّا في مجال تكوين الكفاءات في مجال الطّاقات المتجدّدة و كذلك على مستوى التّمويل و الدّعم التّكنولوجي و اللّوجستي .
في الواقع مجال رسكلة النّفايات الإلكترونيّة يشهد إهتماما كبيرا حول العالم بما أنّ هناك إستخدام متزايد للأجهزة الإلكترونيّة و الكهربائيّة و غيرها .
المستعملون يغيّرون أجهزتهم كلّ ثلاث أو أربع سنوات , أي أنّ هناك كمّيات متزايدة و مستمرّة من النّفايات خاصّة مع الهواتف الجوّالة.
هناك معادن كعيّنة في هذه الأجهزة المختلفة يمكن رسكلتها . و قد نصحنا الحكومة التّونسيّة بتطوير هذا القطاع. و نحن مستعدّون لإدخال النّموذج الكوريّ في هذا المجال في تونس , من خلال تأسيس نظام تقنيّ مماثل هنا.
هذا و قد قمنا بزيارة مركز رسكلة النّفايات الإلكترونيّة بمنطقة “برج شاكير” , و أعتقد أنّ التّعاون في هذا القطاع سيتطوّر و يتعمّق أكثر فأكثر في قادم الأشهر.
- 6 )- هل بإمكانكم أن تعطونا فكرة حول أقرب المشاريع الجديدة الّتي سترى النّور في تونس و الّتي ستنبع من تعاوننا مع الوكالة :
أعتقد أنّ وكالة التّعاون الكوريّ-التّونسيّ ستركّز على 3 محاور : الأوّل , هو مجال الإلكترونيّات و رقمنة الخدمات الإداريّة . الثّاني , هو قطاع الطّاقة أو الطّاقات البديلة , بما أنّنا إلتزمنا بالتّعاون مع الطّرف التّونسي في مخطّط إستغلال الطّاقة الشّمسيّة. أمّا القطاع الثّالث , فسيكون القطاع الفلاحيّ , حيث حظيت شخصيّا خلال اليوم الثّاني من ملتقى “تونس 2020” بلقاء السّيد وزير الشّؤون المحلّية و البيئة و وزير الطّاقة و كذلك وزير الفلاحة . و بالمناسبة , لم أحظى بلقاء وزير تكنولوجيّات الإتّصال و الإقتصاد الرّقمي , حيث لم أتمكّن من رؤيته هناك.
بالنّسبة لهذه المشاريع , هي تظلّ في مراحلها الأولى , لكنّنا على الطّريق الصّحيحة و نأمل أن تساعدنا الحكومة التّونسيّة في تحقيقها على أرض الواقع. لكن علينا أن نفهم أنّه حتّى لو كان للحكومة مخطّطات طموحة و جادّة في هذه المجالات , فهذا لا ينفع إذا لم يكن هناك إستخدام فعليّ من النّاس لهذه التّكنولوجيّات و الممارسات الجديدة . و نحن نعتقد أنّ النّاس في تونس يتمتّعون بدرجة عالية من الذّكاء للتّفاعل و التّأقلم و الممارسة الفعليّة المبتكرة لهذه الأساليب الجديدة.
و أريد أن أؤكّد أنّ كوريا فخورة بمشروع “E-Document” الّذي تمّ إرسائه مع الحكومة سنة 2015 , و الّذي يقوم على تلقّي طلبات و ملاحظات المواطنين عبر مواقع الواب . و نحن سنواصل التّعاون مع الجانب التّونسي سواء على مستوى التّمويل أو على مستوى التّعاون التّقني. و تونس لديها القدرة و القابليّة و الإستعداد الكافي لإستقبال هذه الأساليب التّكنولوجيّة الجديدة و تفعيلها في المجالات الطّاقيّة و التّكنولوجيّة و البيئيّة و الفلاحيّة و غيرها.
- 7) -في الختام, هل من إضافة أو ملاحظة تريدون إبدائها ؟
أريد أن أؤكّد أنّ هذه المشاريع هي البداية فقط . فكما تعلمون , كوريا كانت مركّزة أساسا في علاقاتها مع الدّول الآسيويّة . و تونس إذا هي بلد جديد بالنّسبة للشّركات الكوريّة و للحكومة الكوريّة كذلك.
و أريد أن أشير أيضا إلى أنّ كوريا متقدّمة كثيرا في ميدان التّكنولوجيّات المستعملة في الأغراض الكيميائيّة. و في هذا الإطار , إلتزمت الحكومة الكوريّة بشراكة جديدة مع تونس لتطوير قطاع إنتاج الفسفاط في ولاية قفصة التّونسيّة , و ذلك من خلال الخبرات الموجودة في شركة هيونداي الكوريّة. و من الممكن أن يتمّ توسيع التّعاون في هذا المستوى .