زها حديد : أيقونة الهندسة المعماريّة العالميّة الغائبة عن الذّاكرة العربيّة

تعتبر المهندسة المعماريّة العربيّة الرّاحلة زها حديد, من بين أقوى و أشهر الشّخصيّات على مستوى العالم في مجال تخصّصها. و آخر بصماتها كانت على مطار هونغ كونغ الجديد الّذي تمّ تصنيفه كأكبر مطار في العالم مؤخّرا, و الّذي أفردنا له مقالا خاصّا, و الّذي كانت هذه المهندسة العراقيّة هي من صمّمه . لكن كم من شخص في عالمنا العربي الإسلامي يعرف زها حديد ؟

زها حديد هي مهندسة معماريّة عراقيّة ولدت في بغداد في 31 أكتوبر سنة 1950 في عائلة سنّية ذات توجّهات سياسيّة ديمقراطيّة . تحصّلت زها حديد على شهادتها العليا في الرّياضيّات من الجامعة الأمريكيّة في بيروت, و هي تحظى بشهرة واسعة في الأوساط المعماريّة الغربيّة, و قد كانت قد تحصّلت على وسام التّقدير من الملكة البريطانيّة. تخرّجت زها حديد من الجمعيّة المعماريّة بلندن في السّبعينات, و شغلت وظيفة أستاذة زائرة في جامعات مرموقة في أوروبا و أمريكا, مثل هارفارد و هامبورغ و كولومبيا و شيكاغو و أوهايو و غيرها . و بالرّغم من كلّ هذا, لم تلق تصاميمها إهتماما لدى مجلس النّواب العراقي آنذاك, و الّذي رفض العديد من التّصاميم الّتي قدّمتها بدون مقابل مادّي .

مجال تخصّص زها حديد كان المدرسة التّفكيكيّة الّتي تهتمّ بالنّمط الحديث في التّصميم, و قد كانت العراقيّة الرّاحلة قد نفّذت بالفعل أكثر من 950 مشروع في ما يقارب 44 بلد . و قد كانت أعمالها تتميّز بالخيال و الحرّية, دون الإلتزام بخطوط أفقيّة أو عموديّة ثابتة . كما أنّها تميّزت بتصاميمها “المتينة” حيث أنّها كانت تستخدم “الحديد” غالبا في تصاميمها ( ربّما نسبة إلى لقب عائلتها !) . و من بين المشاريع العالميّة الّتي تحمل بصمة زها حديد و الّتي مازالت قائمة و شاهدة على عبقريّتها , نذكر :

المبنى المركزيّ لشركة BMW في ليبزيغ الألمانيّة, محطّة الإطفاء العملاقة في برلين, مركز لندن للرّياضات البحريّة الأولمبيّة, محطّة الأنفاق في سترازبورغ الفرنسيّة , المركز العلميّ في السّويد, مبنى متحف الفنّ الإيطالي في روما, جسر أبو ظبي , و القائمة تطول و تطول !

وفقا لتصنيف Ginker  لعمارة “التّفكيك” ، فإنّ أعمال زها حديد تقع ضمن “الإتّجاه البنائي الحديث” . وتتلخص رؤية هذا الإتّجاه  في أنّها تقوم على دعامات عجيبة و مائلة وتتمتّع بالإنسيابيّة والتّفكيك في تحدّي الجاذبيّة الأرضيّة من خلال الإصرار على الأسقف والكاميرات الطّائرة (Drones) ، مع التّأكيد على ديناميكيّة التّشكيل، حتى أنّه أُطلق على أعمال زها حديد  مؤخّرا إسم التّجريد الدّيناميكي”.

نالت زها حديد الكثير من الجوائز الرّفيعة و الميداليّات و الألقاب الشّرفيّة في فنون العمارة, و كانت من أولى النّساء في العالم اللّواتي يتحصّلن على جائزة “Pritzker” للهندسة المعماريّة سنة 2014 , وهي تعادل قيمة جائزة Nobel . كما حازت العراقيّة على وسام الإمبراطوريّة البريطانيّة و الوسام الإمبراطوريّ اليابانيّ عام 2012. كما أنّها كانت أوّل إمرأة تحظى بجائزة Reeba للفنون الهندسيّة عام 2016 بإنقلترا .

صنّفت زها حديد بأنّها أقوى مهندسة في العالم, و كانت ترى أنّ مجال الهندسة المعماريّة ليس حكرا على الرّجال. و قد حقّقت زها حديد إنجازات عالميّة مذهلة و لم تكتف بالتّصاميم المعماريّة, بل صمّمت كذلك الأثاث و الأحذية , جالبة إليها إهتمام أسماء عالميّة مرموقة قصد التّعاون معها. و قد أختيرت كرابع أقوى إمرأة في العالم سنة 2010.

توفّيت زها حديد يوم 31 مارس من عام 2016 الماضي عن عمر ناهز 65 سنة, و ذلك إثر إصابتها بنوبة قلبيّة مباغتة في إحدى مستشفيات ميامي بالولايات المتّحدة, حسب التّقارير الرّسميّة.

“مكتب زها حديد في لندن” و ” شركة زها حديد العالميّة للهندسة المعماريّة” أصدرا بلاغا رسميّا مشتركا , ينعيان فيه الفقيدة, الّتي وافتها المنيّة بشكل مفاجئ, حسب ما جاء في البلاغ, بعد ثبوت إصابتها بإلتهاب رئويّ ثمّ أزمة قلبيّة أدّت إلى وفاة أحد أكبر رموز المعمار و التّكنولوجيا !

 

Related posts

Huawei Job Fair 2024 : منصة انطلاق نحو التوظيف في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصال

يوفر تجربة شاشة جديدة : OLED أول تلفزيون لاسلكي شفاف بدقة 4K من إل جي

سامسونج تُدمج الذكاء الاصطناعي في تلفزيوناتك: تَوَقّعْ مفاجأة غير متوقعة!