شبكات WiFi بإمكانها عبور الجدران. نعم هذه الحقيقة مسلّم بها. و هي السّبب في أنّه بإمكاننا تصفّح الواب بإستعمال محوّل لاسلكيّ موجود في غرفة أخرى. لكن ليس كلّ هذه الموجات الإشعاعيّة الدّقيقة تنفذ إلى هواتفنا و لوحاتنا الرّقميّة و حواسيبنا .
محوّلات الإنترنت تنشر و تطرح إشاراتها نحو الأجهزة, و تضيء بيوتنا و مكاتبنا مثل مصابيح غير مرئيّة.
اليوم, تمكّن مجموعة من العلماء الألمان من إيجاد طريقة لإستغلال هذه الوظيفة لإلتقاط صور هولوغراميّة, أو صور فوتوغرافيّة بتقنيّة 3D للأجهزة الموجودة داخل الغرفة , و ذلك و أنتم خارج الغرفة !
هذه الوسيلة التّكنولوجيّة الجديدة بإمكانها, أساسا, مسح غرفة ما عبر نقل شبكات WiFi , و ذلك حسب تصريح فيليب هول, العالم الشّابّ الّذي كان قد صنع هذا الجهاز الجديد كجزء من أطروحته, بإدارة مؤطّره الأكاديميّ, فريدمان رينهارد. ثمّ قام هذا الثّنائي إثر ذلك بإيداع دراسة حول هذه التّقنيّة لدى نشريّة Physical review , الّتي تولّت نشر هذه الدّراسة في نهاية شهر ماي المنقضي.
و في شرحه لكيفيّة عمل هذه التّقنيّة, قال هول : ” إذا كان هناك فنجان قهوة على الطّاولة, ربّما قد تشاهدون شيئا هناك, لكنّكم لن تتمكّنوا من رؤية شكله. لكن من خلال هذه التّقنيّة, بإمكانكم التّعرّف على شكل أو ملامح شخص أو حيوان على أريكة مثلا. حقيقة, أيّ شيء يفوق حجمه 4 صم !”
كيف نرى عبر الجدران بإستخدام شبكات WiFi ؟
إمكانيّة الرّؤية عبر الجدران بإستعمال شبكات WiFI موجودة منذ سنوات, على الأقلّ على المستوى النّظري. بعض الأجهزة بإمكانها إلتقاط حركة الدّخلاء في المنزل أو تتبّع تحرّكات الأغراض, من خلال هوائيّ أو إثنين من هوائيّات WiFi . و هناك أجهزة أخرى تستعمل حزمة من الهوائيّات لبناء صور بتقنيّة 2D .
لكن الشّابّ الألمانيّ هول قال بأنّه ما من أحد إستعمل من قبل شبكات WiFI لتكوين صور هولوغرافيّة بتقنيّة 3D لغرفة كاملة مع الأغراض الموجودة فيها. مبيّنا : ” طريقتنا التّكنولوجيّة ستعطيكم صورا أفضل, بما أنّنا نسجّل إشارات أكثر . نحن نمسح كامل مساحة الغرفة.”
تقنيّة Holl تختلف عن التّقنيّات الأخرى في بعض الأساليب المهمّة :
أوّلا, هي تستعمل هوائييّن إثنين : الأوّل مثبّت في مكانه و الآخر متحرّك . الهوائيّ الثّابت يسجّل خلفيّة منطقة الWiFi . أمّا الهوائيّ الثّاني فهو يتحرّك يدويّا لتسجيل نفس منطقة الWiFi إنطلاقا من نقاط عديدة مختلفة. حيث قال هول : ” هذه الهوائيّات لا تحتاج لأن تكون كبيرة. و يمكن أن تكون صغيرة للغاية, مثل تلك الموجودة على الهاتف الذّكيّ.”
ثانيا, كلا الهوائيّان يسجّلان, ليس فقط قوّة ( أو لمعان) إشارات الWiFi , بل كذلك يسجّلان “الطّور” (Phase) : و هي صبغة من الضّوء اللّيزريّ, تمثّل طريقة ممتازة لإنشاء الصّور الهولوغراميّة. و كما هي الحال في اللّيزرات, تقوم محوّلات الWiFi بإرسال موجات إشعاعيّة دقيقة في شكل تردّدات و أطوار غير مرئيّة.
و أخيرا, الإشارات المنبعثة من كلا الهوائييّن تغذّي بشكل متزامن الحاسوب, و تتولّى البرمجيّة الكشف عن الفوارق في القوّة و الطّور (phase) , في وقت حقيقيّ (en temps réel).
هنا يكمن السّحر : تتولّى البرمجيّة بناء عدّة صور 2D في الوقت الّذي يتحرّك فيه الهوائيّ الثّاني, ثمّ تراكمها معا في شكل صور هولوغراميّة بتقنيّة 3D . و لأنّ شبكات الWiFi تسافر عبر الجدران, فإنّ هذه الصّور الهولوغراميّة هي للأغراض الموجودة داخل الغرفة !
النّتائج المتحصّل عليها قد لا تبدو خارقة للعادة, لكنّها تثبت أنّ المفهوم قابل للعمل بالفعل : الهوائيّ المتحرّك إستطاع إلتقاط أطياف الWiFi و إنعكاسات الأغراض بتقنيّة 3D , مباشرة عبر الجدار .
هذا و قال هول بأنّ التّطبيقات الخاصّة بتكنولوجيّة ” الواي-فاي الهولوغراميّ” منتشرة حاليّا. و يمكن أن نضيف هذه البرمجيّات إلى عربات الإنقاذ مثلا , لإيجاد النّاجين من الكوارث الطّبيعيّة, أو أن نوفّرها لفائدة وكالات الإستخبارات لرؤية من يختفي داخل المنازل !
كما أنّه بالإمكان تضمين هذه البرمجيّة في طائرة دون طيّار (drone) و إستخدامها لمسح الفضاء الدّاخلي و الخارجيّ لبناية كاملة في غضون نصف ساعة على الأكثر !