في إطار إفرازات صالون MWC2018 و الّذي أسدل ستائره نهاية الأسوع الفارط بمدينة برشلونة بإسبانيا, نتناول موضوع شريحة الإتّصال المدمجة (e-SIM) و الّتي ظهرت بمناسبة المعرض الأخير . هذه الشّريحة تعتبر أكثر مرونة و أكثر صلابة, و شريحة eSIM توفّر لمصمّمي المنتجات مجالا أكبر من حريّة الإبتكار, كما أنّها توفّر أيضا لمشغّلي الإتّصالات, سلسلة جديدة من “القيم المضافة” على مستوى تغطية الشّبكات و التّعامل مع البيانات.
جميعنا نعلم العوائق و السّلبيّات الّتي تمثّلها شرائح أو بطاقات الإتّصال (carte SIM) الكلاسيكيّة : فهي تتطلّب إقتنائها في حجم معيّن يتناسب مع المكان المخصّص لها داخل الهاتف, و هي مدفوعة الأجر غالبا, و من الصّعب أيضا تثبيتها في مكانها ثمّ نزعها خاصّة ! و هي أيضا مرتبطة بإمضاء عقد إشتراك … لكن هل ستكون شريحة SIM الكلاسيكيّة قريبا, مجرّد ذكرى تنضاف إلى ذكريات أجهزة عتيقة مثل Walkman أو هواتف ال2G و غيرها ؟
بطاقة “e-SIM”, لا تعني “شريحة الإتّصال الإلكترونيّة” -كما قد يتبادر إلى أذهانكم- , بل هي تعني بالإنقليزيّة “embedded SIM”, أي “شريحة الإتّصال المدمجة“.
هذه الشّريحة هي عبارة عن بطاقة (puce) صغيرة و بسيطة و مؤمّنة, و هي مدمجة داخل جهاز مصمّم خصّيصا لها, سواء كان هاتفا ذكيّا, أو ساعة ذكيّة أو سيّارة و غيرها , و ذلك لضمان إتّصاليّتها (connectivité) و أمان هذه الإتّصاليّة.
سيتمّ توفير “شريحة الإتّصال المدمجة” (eSIM) , برفقة المنتوج. و لن تكون هناك حاجة أو ضرورة بعد الآن للمصنّع أن يقوم بتصميم و إدماج مساحة داخليّة خاصّة لتستقرّ فيها شريحة الإتّصال (كما هو متداول حاليّا في هواتفنا), حيث أنّ هذه العمليّة ستأخذ حيّزا إضافيّا من الفضاء الدّاخلي للهاتف, و من الصّعب إحكام تثبيتها و نزعها بعد ذلك سيتمّ بصعوبة, و هذا ما يخلق نقطة ضعف أو هشاشة على مستوى التّعامل مع الهاتف.
حسب شركة Gemarto الفرنسيّة المختصّة و النّاشطة جدّا مع جمعيّة GSMA الدّوليّة القويّة لمصنّعي و مشغّلي الهواتف, فهذه التّكنولوجيّة الجديدة لشرائح الإتّصال جاهزة بالفعل, و هي مستقرّة برمجيّا و ناضجة و يمكن تعميمها, حيث قال المتحدّث بإسمها الأسبوع الفارط :
” عمليّة نشر شرائح eSIM عالميّا قد تحصل بأسرع ممّا نظنّ, لكن هذا الأمر سيغيّر شيئا ما من الأعراف و القيم و العلاقات المعمول بها.”
يمكن أن نفسّر هذا التّصريح بأنّه عندما لن يشتري المستعمل أبدا في المستقبل, شريحته الخاصّة للإتّصال (carte SIM) مباشرة من المشغّل الّذي يتعامل معه (كما هو متداول الآن), فهذا سيؤسّس لعلاقة مختلفة, ستكون رقميّة بالأساس, عوضا عن التّعامل مباشرة مع المغازة (boutique) التّابعة لمشغّل إتّصالات معيّن, بما أنّ بطاقة الإتّصال (eSIM) المدمجة هي مبرمجة عن بعد و “إستقرائيّة” (posteriori). و هذا يعني أنّه و على عكس بطاقة SIM التّقليديّة المرتبطة دائما بمشغّل الإتّصالات الّذي ينتجها و يوفّرها, فإنّ شريحة eSIM المدمجة القادمة, يمكن أن تقع برمجتها عبر إتّصال هاتفيّ بشبكة 4G , بنفس الطّريقة الّتي يمكن أن تتلقّى بها تطبيقة إلكترونيّة, تحديثا برمجيّا ما (mise à jour). و هذا الإجراء سيمكّن من فتح خطّ فوريّ و إشتراكات تتضمّن أجهزة متعدّدة (هواتف, ساعات ذكيّة, سيّارات…) في نفس الوقت, إضافة إلى علاقة مباشرة و وحيدة بين الحريف و مشغّل الإتّصالات الجوّال.
يذكر أنّ شرائح أو بطاقات الإتّصال المدمجة (eSIM) موجودة بالفعل في عدد من الأجهزة, على غرار ساعة Gear S3 الذّكيّة من Samsung , و ساعة Apple watch من الجيل الأخير, إلى جانب سيّارة BMW الجديدة. و لنا أن نتخيّل هنا, الرّبح الّذي سيجنيه المصنّع و المستخدم معا على مستوى المساحة و الحرّية داخل الهاتف, و الّتي ستتيح للمصمّمين تهيئة مساحة كبيرة في جهاز صغير.
بالنّسبة للهواتف الذّكيّة, من المحتمل أن تصل أولى النّماذج المتضمّنة لهذه التّكنولوجيّة, خلال عام 2018 الجاري.