سواء في العاصمة ستوكهولم أو في باقي أنحاء هذا البلد الإسكندنافيّ الّذي يعتمد كلّيا على التّكنولوجيّات الحديثة, فقد إختفت النّقود الورقيّة أو الأموال “السّائلة” تماما من المتاجر و البنوك. فالجميع هناك يدفع حاليّا بإستخدام البطاقات أو بإستعمال الهواتف الذّكيّة, ما عدا بعض المسنّين الّذين لا يستطيعون مجاراة هذا العالم الرّقمي, و الّذي يتعاملون ماليّا بإستخدام “الشّيكات” غالبا أو بومرافقة من ذويهم الشّباب. و ما لم يحصل عطل هامّ في نظم الإعلاميّة, فكلّ شيء على ما يرام هناك !
عندما يتناول الشّابّ السّويدي فيكتور وجبة غداء أو عشاء في مطعم ما في ستوكهولم مع أصدقائه, فهو لا يحتاج لطرح التّساؤل الشّهير : هل لديّ ما يكفي من المال ؟ حيث أنّه بإمكان أحد أصدقائه أن يدفع عنه كلفة الطّعام , ثمّ يقوم بإرجاع ذلك المبلغ لصديقه عبر هاتفه الذّكيّة بإستعمال تطبيقة “Swish” واسعة الإنتشار حاليّا في السّويد.
و عندما يذهب فيكتور لشراء بعض المعجّنات أو الحلويّات السّويديّة من إحدى المتاجر, فلا حاجة هنا أيضا إلى تلك العملات المعدنيّة “المزعجة” , حيث أنّه يستطيع إستعمال بطاقته الشّخصيّة المخصّصة لتفعيل جميع أنواع الشّراءات, مهما كانت القيمة الماليّة, و حتّى إذا أراد فيكتور إستقلال وسائل النّقل العموميّة للتّنقّل, فهو لا يحتاج أيضا إلى التّعامل بالنّقود “السّائلة”, بإعتبار وجود أجهزة مخصّصة للغرض, متناغمة مع بطاقات الدّفع .
و الأمر ليس جديدا في السّويد, بما أنّ غالبيّة سكّانها لا يملكون نقودا معدنيّة أو ورقيّة في جيوبهم منذ 6 سنوات تقريبا !
في الواقع, تراجعت نسبة الدّفع نقدا في السّويد ب40 % سنة 2010, ثمّ ب15 % سنة 2016, و هي في تراجع مستمرّ إلى حدّ كتابة هذه الأسطر , ما يرجّح أنّ نسبة الدّفع نقدا قد تبلغ 0 % في غضون أشهر قليلة فقط ! كما أنّ نسبة القيمة (pourcentage sombre de valeur) , بلغت بدورها 1.4 % فحسب.
و حسب سبر آراء أجراه البنك المركزيّ السّويدي, فإنّ أكثر من ثلثي السّكّان السّويدييّن يرون أنّه قادرون على العيش دون نقود سائلة اليوم . و قد أفادت المؤسّسة الماليّة السّويديّة بأنّ هذا يعتبر تطوّرا فريدا من نوعه على المستوى الدّولي !
هذا التّحوّل في المعاملات الماليّة حوّل العاصمة السّويديّة الصّغيرة ستوكهولم, الّتي لا تضمّ سوى مليون ساكن, إلى واجهة تكنولوجيّة للمنطقة الإسكندنافيّة !